
بمبادرات تروم المساهمة في الحفاظ على ذاكرة العاصمة الاقتصادية، والارتقاء بحال هذه المدينة، كرست الكاتبة منى هاشم، التي كانت قد أسست مجموعة تسمى" أنقذوا الدار البيضاء / "Save Casablanca" على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، جهودها للدفاع عن تراث هذه المدينة العملاقة.
تكوينها الأدبي وشغفها بالتاريخ، فضلا عن كونها باحثة في الجينيالوجيا والأسماء العائلية بالمغرب، كلها عوامل أهلتها لتصدر العديد من الأعمال، منها " معجم الأسماء العائلية بالمغرب" (2007). كما صدرت لها طبعة جديدة من المعجم نفسه سنة 2011 بالدار البيضاء، ثم رواية أطفال الشاوية (2004).
مسيرة مهنية مزدهرة
واصلت منى هاشم مسيرتها العلمية، حيث نشرت عام 2016 عملا تاريخيا بعنوان "سجلات غير عادية من تاريخنا"، ثم صدر لها بعد ذلك كتاب "التاريخ غير المتوقع للمغرب " سنة 2018 (باريس دار النشر إييرك بونيي)، والذي يتضمن العديد من النصوص والوثائق المتنوعة، التي ترصد بأسلوب كرونولوجي، ومن خلال تحليل علمي رصين، فترة طويلة من تاريخ المغرب، في ارتباطه بمحيطه الإفريقي والمتوسطي، وذلك من الفترة السابقة لظهور الإسلام، إلى حدود توقيع معاهدة الحماية.
وفي شتنبر 2019، صدرت لها رواية تاريخية تدور أحداثها بين أوروبا والمغرب، مستوحاة من أحداث وشخصيات حقيقية، بعنوان "المخطوطات المفقودة / Les manuscrits perdus".
وإن كانت منى هاشم تكتب باللغة الفرنسية، فإنها تعتمد على بحوث تاريخية قديمة ومعاصرة خُطت أساسا باللغة العربية.
ولاشتغالها في مجال الإعلام، نشرت سلسلة "سجلات من الأمس واليوم" بصحيفة ليكونوميست من 2007 إلى 2012، إلى جانب تنشيطها لبرنامج يومي على أمواج إذاعة أطلانتيك من 2007 حتى 2009 حمل اسم " أسرار الأسماء العائلية ".
ومنى هاشم هي أيضا صاحبة السلسلة الوثائقية "الطريق نحو الأصول" التي كانت قد بثت على قناة (ميدي 1)، وهي عبارة عن سفر في تاريخ وجغرافيا المغرب، من خلال اسم مكان وأسماء عائلية.
منى هاشم.. "عين على الدار البيضاء"
خارج إطار التأليف والعمل المهني الصحافي، تنخرط منى هاشم في أنشطة مواطنة، خاصة في الشق المتعلق بحماية التراث.
وحرصا منها على التعريف أكثر بواقع ووضع العاصمة الاقتصادية، فقد نشرت مؤلفا تحت عنوان " الكتاب الأسود للمدينة البيضاء، كلمات وشهادات مواطني الدار البيضاء "، وهو عمل يروم تسليط الضوء على واقع هذه المدينة بعيدا عن لغة الخشب.
ويهدف الكتاب إلى التوقف عند التجاوزات المتعلقة بعملية تدبير الشؤون المحلية للعاصمة الاقتصادية، من خلال رصد المظالم، وتقديم شهادات واقتراحات متضمنة بمجموعة "أنقذوا الدار البيضاء" التي تضم حاليا أكثر من 265 ألف عضو، من جميع الآفاق، حيث يقدم كل واحد منه نظرته ورؤيته لقضايا العاصمة الاقتصادية.
ويتعلق الأمر بتقديم مختلف الآراء، مصحوبة بتحليلات وصور ومقاطع فيديو، في مسعى لرصد مختلف العلل المتعددة التي ابتليت بها المدينة، انطلاقا من قلبها التاريخي وصولا إلى أطرافها.
وإذا كانت منى هاشم تعي جيدا أن التأثير لن يكون فوريا على عملية تدبير المدينة، فإنها مقتنعة بالقدر ذاته بأن التأثير في الشعور الجماعي سيفتح الباب أمام سياسة مواطنة تشاركية قادرة على تغيير الوضع تدريجيا، وذلك من خلال بعث الأمل في مواجهة هذه الرغبة الراسخة في عدم الاستسلام.
فلماذا إذن كتاب أسود؟ ليس سرا، كما تقول، أن الدار البيضاء تعاني من مشكلة تتعلق بالحكامة، ومن مجموعة من الاختلالات التي تؤثر على جميع القطاعات الرئيسية في المدينة، وخصوصا قطاعات النظافة، والنقل، احتلال الفضاءات العامة، وبطء إنجاز الأوراش، حالة المساحات الخضراء والطرق والأرصفة والتطهير السائل، والإنارة، ناهيك عن تدمير تراث وذاكرة المدينة.
وبناء عليه، تقول منى هاشم، فقد قررت إعادة تجميع ما يتم تداوله والتعبير عنه في مجموعة " أنقذوا الدار البيضاء" من أجل أن يصل ذلك إلى وسائل الإعلام والجمهور العريض.
وتتوخى هذه المقاربة المواطنة، بعيدا عن الحسابات السياسية أو التعاطف الحزبي، إلى زيادة الوعي بواقع تدبير المدينة، بصرف النظر عن الخطابات الديماغوجية وغيرها.
وخلصت إلى القول " نحن كمواطنين، نطمح فقط إلى حياة أفضل، وسياسة أكثر صرامة بشأن عملية التدبير، وضمان احترام أكثر للساكنة، حتى يكون ذلك أكثر انسجاما مع الطموحات المسطرة لمدينة تطمح أن تصبح ذكية".