
1337 اسم مدرسة ببنكرير ليست كباقي المدارس، إنه "كود" لفك شفرة طموح الحالمين بالغوص لأبعد مدى في عالم البرمجة الرقمية، وجعلهم يحلقون في عوالم الابتكار والتفوق.
لكن خلف كلمة المجانية، وتوفير كل الشروط المادية واللوجستيكية للنجاح والتفوق، ووراء ستار من الغموض الذي يضفي أجواء خاصة وطقوسا استثنائية على التكوين داخلها، يبدو أن الكلمة المفتاح في نص اللغة البرمجية التي صُممت بها هذه المدرسة العجيبة هي "الإبداع". مدرسة العباقرة وجنة التكنولوجيا وأرض الفرص وموطن الموهوبين والمبدعين، هذه هي صورة المدرسة في أذهان المئات من طلبتها، أو هكذا يتمثلونها، جسرا ينقل شغفهم وأحلامهم إلى علياء المجد والثراء.
ثلاثة عشر - سبعة وثلاثون
تنبني خوارزمية مدرسة 1337 على فكرة "التعلم بالتطبيق"، وهي ثمرة شراكة بيداغوجية بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) ومدرسة 42 الفرنسية، والتي تأسست عام 2013 في باريس، وتعتبر أفضل مدرسة ترميز في العالم، حسب CodinGame، كما أن لديها شريكا آخر في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2016 في"فريمونت" وبالضبط بالسيليكون فالي Silicon Valley.
ومع النجاحات التي حصدتها فكرتها المبتكرة، تعرضت منهجيتها كثيرا للتقليد، واعتُمد نموذجها البيداغوجي من قبل العديد من معاهد التكوين في شتى أنحاء العالم، لا سيما "101" في ليون بفرنسا، و"We think code" في جنوب أفريقيا، و"Academy Plus" في رومانيا، أو "Unit Factory" في أوكرانيا والمولود الأخير "19" في بلجيكا.
ويتبع الطلاب المغاربة المنتمين لـ"1337" بمدينتي خريبكة وبنكرير المنهج الدراسي نفسه، بالأدوات والوسائل التربوية نفسها، مثل رفاقهم في باريس أو سليكون فالي أو بروكسل.
نخبة الكمبيوتر
على بعد 177 كلم عن مدينة الدار البيضاء، و70 كلم عن مدينة مراكش، يتواجد مقر مدرسة ثلاثة عشر- سبعة وثلاثون 1337، بالمدينة الخضراء محمد السادس، وفي قلب النظام البيئي لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بنكرير. وعلى عكس مقر شقيقتها "مدرسة 1337 خريبكة" التي تبدو معزولة نسبيا عن مقرات باقي المؤسسات، تتواجد مدرسة بنكرير داخل تجمع اداري، يلفه السكون، حيث لا يمكن التفريق بين بناياته المطلية باللون الأحمر.
العديد من ساكنة مدينة بنكرير يعرفون المدرسة بمسميات أخرى "مدرسة العباقرة"، "مدرسة أدمغة لانفورماتيك"، "الدراري لي كا يقراو بالليل"...، لكن محمد الذي التقيناه صدفة خارج أسوارها واتضح أنه أحد تلامذة المدرسة، ألح على توضيح الأمر "نحن مدرسة ثلاثة عشر- سبعة وثلاثون، leet"، وليس "ألف وثلاثمائة وسبعة وثلاثون"، تم أطلق ضحكة مجلجلة كانت بمثابة المفتاح الذي شجعنا على طرح المزيد من الأسئلة.
"1337 تعني "النخبة"، أو "leet" للاختصار، يضيف محمد في حديث مع مجلة BAB، "هذا المصطلح بلغة مبرمجين عام 1990 كان يستعمل لوصف شخص لديه مهارات كبيرة واستثنائية في الكمبيوتر والألعاب".
"ليت ليتكلم" يسبق ثقافة 1337، leet speak elite speak"، وهي طريقة أسلوبية لتهجئة الحروف الإنجليزية باستخدام الأرقام وأحرف ASCII الخاصة على لوحة المفاتيح. ويمكن اعتبار هذه اللغة بمثابة تعبير ثقافي تولد حين أراد قراصنة الكمبيوتر منذ عام 1980 إخفاء هوياتهم الإلكترونية والمحادثات عبر الإنترنت".
ويضيف محمد، الذي بدا أنه يستمتع في التحدث بلغة تقنية صرفة، "يستخدم برنامج Leet Speak الأعداد والأحرف لاستبدال الأبجدية الإنجليزية...".
ودعنا محمد بعد أن شكرناه لأنه أوضح بأن 1337 تعني النخبة، فأطلق ضحكة أخرى وباغتنا بالسؤال "أهذا كل ما استوعبتموه من خلال شرحي؟" ثم وضع حقيبته على ظهره وودعنا بابتسامة دافئة هذه المرة، مع وعد باللقاء داخل المدرسة.
مستودع أحلام
لا شيء يعكر صفو وهدوء مقر المدرسة، ولكن خلف ستار الصمت تتحدث رسوم الغرافيزم المنتشرة على جميع جدرانها، وبعض الكلمات المقتضبة ببعض الزوايا، تعبر جميعها بما يشبه "الحكم والشعارات" عن الشغف والرغبة في النجاح.
تستريح 1337 لبنكرير على مساحة إجمالية تصل إلى 3000 متر مربع موزعة على 4 مستويات، كما أنها تضم فضاءين يمتدان على أكثر من 600 متر مربع، مجهزان ب300 جهاز (إ.ماك) من الجيل الجديد.
تتواجد بها فضاءات للاسترخاء، وهي أماكن يعتبرها مصممو المدرسة مهمة وأساسية تتيح للشباب التفكير والتعاون وهم يستمتعون بلعبة البلياردو أو الشطرنج أو البلايستايشن. وتمتد هذه الفضاءات على مساحة 200 متر مربع، مجهزة بقاعات للاجتماعات والعديد من التجهيزات الأخرى التي توفر للطلبة الاسترخاء بعد "وجبة" برمجة تمتد لساعات.
لعبة الحظ
يرتهن قبول الطلبة من عدمه بهذه المدرسة، لشرطين أساسيين. وتؤكد هند البرنوصي، مسؤولة التواصل بالمؤسسة، في حديث لمجلة BAB، أولهما أن يكون سن المترشح بين 18 و30 سنة، وأهمهما "الإبداع" وهو كلمة السر التي يجب أن يحملها أي طالب قرر الالتحاق بالمدرسة، حتى وإن لم يكن يتوفر على أي مؤهل أو مستوى دراسي في المعلوميات.
يخضع المرشح لاختبار عن بعد من خلال بوابة مدرسة 1337، مدته 10 دقائق، في حال اجتياز هذا الاختبار يقوم المترشح باختيار إحدى شُعب "المسابح" المقترحة ببوابة 1337 الإلكترونية. وتؤكد المسؤولة عن التواصل أن مبدأ الالتحاق بالمدرسة يقوم على السرعة، أي أن حجز مكان بالمؤسسة رهين بالسرعة في اجتياز الاختبار الأول والحصول على دعوة تحمل رمزا مشفرا يحمله المترشح معه، إذ عند ولوج المؤسسة يلتقي الطالب، المقبول في الاختبار الأول، بالفريق البيداغوجي للمدرسة من أجل التعرف على منهجية المؤسسة والأهم التعرف على مدى ملاءمة برامجها لطاقاته ومؤهلاته الفكرية.
ويعتبر "المسبح"، توضح هند البرنوصي، "واحدا من أطول الاختبارات في العالم مدته 4 أسابيع على مدار الـ 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع، وهي فترة يخضع فيها المترشحون لعدد من الاختبارات، كما ينجزون بشكل يومي عددا من التمارين، بالإضافة إلى مشاريع فردية وجماعية يكدون لمتابعتها وتطويرها، بعد ذلك يخضع الطلبة لامتحان نهاية كل أسبوع مع حرمانهم من الولوج إلى عالم الإنترنيت، وحتى من تقنية peer-learning التي تعتبر نوعا من التعلم التعاوني الذي يساعد الطلبة على تحرير إبداعاتهم بفضل التعلم بإنجاز المشاريع. وبعد كل هذه المحطات يتم انتقاء "البروفايلات" التي ستتمكن من ولوج المدرسة"
الخوف من الثقب الدودي Wormhole
"أشعر كأني في حلم وأخاف الاستفاقة منه، حتى في أكبر أحلامي لم أتخيل أني سأكون يوما جزءا من هذا العالم السحري"، كلمات رددها "معاد" والذي بالكاد أكمل ربيعه الواحد والعشرين، تم أشاح ببصره بعيدا وعاد ليركز على شاشة الحاسوب الكبيرة المنتصبة أمامه.
بدا واضحا من خلال الكلام المقتضب لـ"معاد" أنه أصبح مهووسا بشيء اسمه الوقت، ورغم أن المدرسة لا تتقيد بوقت خاص للدراسة وتترك لمنتسيبها التحكم في المساحة الزمنية لاشتغالهم، إلا أن الانطباع الذي يتركه التلاميذ لدى من يلتقيهم هو أنهم يقدسون شيئا اسمه الوقت، وثوان قليلة في عرفهم تساوي فرصا يتعين اقتناصها.
يعلق معاد على الأمر قائلا "حين تتحمل مسؤولية تنظيم وقتك فلا مجال للأعذار، لا يمكن أن نسمح للوقت بأن يجهض حلمنا الكبير، لذلك فنحن من يطوعه لخدمة أهدافنا".
أشار "معاد" لعداد في يسار شاشة حاسوبه وأضاف: "هذا العداد التنازلي هو ما يرسم طريقنا إما نحو تسلق سلم المجد لتحقيق أحلامنا أو ابتلاع هذه الاحلام من قبل ال WormHole (الثقب الدودي) بعد أن تحمر أرقامه وتصل للرقم صفر"، بما يعني انتهاء رحلتنا داخل المدرسة وتسليم "البادج" والمغادرة مكسوري الخاطر والحلم.
يؤكد مسؤول بالفريق البيداغوجي أن "التوزيع الزمني يساعد على الاشتغال بالوتيرة التي تريح الطالب. ويمكن له أن يأخذ الوقت الذي يلزمه لإنجاز مشروعه، الوقت الذي نخصصه لكل مشروع هو فقط تقديري".
لكن يبدو بأن طلبة المدرسة اكتسبوا فهما معمقا لتدبير الزمن إن لم يكن هو الدرس الأول الذي تلقوه مباشرة بعد قبولهم النهائي، يؤكد عدد من المشرفين على المدرسة أن "التعامل مع الزمن يساعد كذلك في مواجهة تحديات ومفاجآت الحياة، صحيح أن هناك امكانية الانقطاع المؤقت عن الدراسة لوقت محدد والعودة لاستكمال العمل من النقطة التي وصل اليها الطالب، لكن في أذهان الجميع تترسخ القناعة بأن ما يجري في المقاولات على أرض الواقع، يتطلب أن يكون وقت الإنجاز مضبوطا".
"الوقت إكراه من إكراهات الاحترافية والمهنية، يجب أن نضعه دائما في الاعتبار"، جملة كتبت على الموقع الالكتروني للمدرسة، تلخص كل شيء عن فلسفة تدبير الوقت وتفادي ال Wormhole في المدرسة كما في الحياة.
التفكير خارج الصندوق
اختارت المدرسة كشعار لها "1337 مدرسة الحاضر المتطلعة للمستقبل". وعن هذا الاختيار، تقول هند البرنوصي إن 1337 مدرسة فريدة تعتمد على الشفافية في ولوجها، ومن ثمة فإن كل المواعيد مشفرة لا يمكن التلاعب بها أو تعديلها.
وأشارت مسؤولة التواصل إلى أن أول فرق يمكن أن يلمسه الزائر للمدرسة هو أن المنهج التعليمي لا يعتمد لا على أساتذة ولا دروس، الطالب هو المعلم في نفس الوقت، وهو ما يسمى بالتعلم "التعاوني" وهو تعلم يقوم على العمل التشاركي وتبادل الأفكار مع مجموعات العمل.
ثاني الملاحظات، تردف المتحدثة، هي أن الطلبة بمدرسة 1337 يمكنهم الولوج إلى المؤسسة في أي وقت من ساعات اليوم، وحتى في أيام العطل، إذ تظل الأبواب مفتوحة طيلة أيام الأسبوع وعلى مدار الساعة.
فرق جوهري آخر يمكن ملاحظته أثناء تفقد هاته المنشأة الكبيرة، ويتمثل في أن منظومة التعلم بها تتم عن طريق التطبيق وإنجاز مشاريع، أي أنه لا مجال لدروس نظرية يفتقد فيها التركيز بعد 10 دقائق من بدايتها، بالإضافة إلى أن التكوين ينبني على مبادئ حديثة في التلقين كالتعليم بالتلعيب (Gamification) وغيرها.
نقطة مهمة يجب الإشارة إليها حسب البرنوصي، هي أن الطالب بمدرسة 1337 يمكنه تغيير تخصصه في أي مرحلة، بحيث أنه ليس مجبرا على تتبع تخصص معين، بل وله الحق كذلك في تتبع تخصصات متنوعة في وقت واحد، مشيرة الى أن النظام الداخلي للمدرسة يخضع لقواعد خاصة وفريدة تربي إحساسا لدى الطلبة بأن المدرسة وممتلكاتها ملك لهم ومن ثم تنمي فيهم الحرص على الحفاظ عليها وتطوير مردوديتها.
الكلستر Cluster
القلب النابض للمدرسة، لا يشبه شيئا سبق مشاهدته في مؤسسة تعليمية أو جامعية. إنه فضاء فسيح تتراص داخله وبأناقة ما لا يقل عن 300 حاسوب من آخر طراز، موزعة على طابقين. لا أثر لسبورة أو أستاذ يشرح أو يوجه أو حتى يراقب احترام النظام، شباب منغمسون بتركيز أمام شاشات الحواسيب وكأنهم يؤدون طقوسا خاصة داخل محراب "الكلستر"، وآخرون يتناقشون بصوت أقرب للهمس حول شاشة أحد الحواسيب، فيما اختار البعض صفاء ذهنه خارج القاعة على طاولة البلياردو أو الشطرنج.
ورغم أننا غرباء عن المكان، وكنا نقوم بجولة وسط القاعة الفسيحة التي تتجاوز مساحتها 200 متر مربع، لكن شعرنا لوهلة بأننا غير مرئيين لهؤلاء الشباب ولم نثر انتباههم أو حتى فضولهم، وظل تركيزهم بالكامل منصبا على المشاريع التي يشتغلون عليها. اقتحمنا خلوة وتركيز "سعاد" إحدى طالبات المدرسة، وانتزعناها مؤقتا من حاسوبها لنستفسرها عن سبب اختيارها 1337.
"سعاد نالت شهادة الاجازة بكلية العلوم والتقنيات، وسمعت وقرأت كثيرا عن فكرة وتجربة المؤسسة، ما أثار انتباه سعاد، حسب تصريحها لمجلة BAB، منهجية الاشتغال غير المعتادة، درست بالكلية ثلاث سنوات بالشكل التقليدي والتلقين والحفظ وهامش البحث الذاتي الضيق، ويمكنني القول، توضح سعاد، بأن تلك المنهجية بإمكانها منحنا شهادات عليا لكن ليس تكوينا رفيعا ننافس به على أعلى المستويات في مجال التطوير التكنولوجي". وأضافت سعاد "هنا نتعلم بالتطبيق والممارسة، نساعد بعضنا البعض كطلبة داخل المدرسة أو باقي المدارس الشريكة في شبكة 42، بل نقوم بتقييم عملنا وتصحيح امتحاناتنا كطلبة ودون تدخل من طرف خارجي حتى ولو كان الادارة نفسها".
غير بعيد عن مكان جلوس سعاد يجتمع ثلاثة شبان حول شاشة حاسوب وينخرطون في نقاش محتدم حول أمر ما يخص مشروعا يشتغلون عليه، ورغم ذلك يحرصون على أن لا ترتفع أصواتهم احتراما "لقدسية" المكان.
أصغرهم يسمى حسن وهو بالكاد بلغ التاسعة عشرة من عمره، استقبلنا بابتسامة عريضة، وهو يخبرنا بأنه للتو أكمل شهره الأول داخل المدرسة، وعلامات الفرح بادية على وجهه، " كيف أشعر؟ أنا في حلم، هذه أسعد أيام حياتي، كل ساعة ودقيقة أتعلم شيئا جديدا، وكل يوم يكبر حلمي أكثر".
يضيف المبرمج الشاب.. "بصراحة لم تكن تستهويني يوما أجواء الدراسة بشكلها التقليدي، وكنت دائما أعاني من مشكلة التركيز داخل الفصل، وأكبر العقبات أمامي كانت القدرة على استيعاب ما يلقنه الاستاذ بحيث كنت اضطر للاستظهار دون أن استوعب المضمون حتى أستطيع النجاح في الامتحانات. بالنسبة لي 1337 حررت كل الطاقات داخلي وجعلتني أدرس بشغف لأن الأهداف أمامي واضحة وملموسة".
التلعيب (Gamification)
تعتمد مدرسة 1337 على مفهوم التعلم بمساعدة الألعاب أو التلعيب. والذي يعرف بأنه استخدام مبادئ اللعبة وأساليبها وعناصرها في سياق التدريب أو التعليم، من أجل زيادة الحافز والالتزام والتأثير على سلوك المستخدم/ المتعلم وتحسين تفاعله، والتي أكدت الدراسات إيجابية تطبيقها في المجال التعليمي حيث أنها تمثل أسلوبا مألوفاً للمتعلمين الذين اعتاد معظمهم استخدام الألعاب الالكترونية. جميع المشاريع التي يشتغل عليها طلبة المدرسة منظمة كلعبة فيديو، تقول هند البرنوصي، مشيرة الى أنه "من خلال البحث وجمع التجارب، يجد الطالب نفسه يتقدم كما في نمط ألعاب MMORPG وفي نفس الوقت يطور مهاراته ومستواه وقدراته.
وتضيف أن "الطالب هو من يتحكم في وتيرة تقدمه، وبإمكانه تفضيل بعض الجوانب وبعض المواضيع من مشروعه، وهو يتقدم بالوتيرة التي تناسبه. وكلما تقدم في المستويات كلما ضاعف نقاط التجارب الموزعة على 17 مهارة مهنية. والتي ستمكن من رفع مستواه الى ما هو أعلى".
تتقاطع فكرة المدرسة مع خلاصات أحدث الدراسات العلمية التي ترى أن محاكاة عناصر اللعبة تضفي حسا منطقيا على المنهج التعليمي، حيث تهدف تصرفات المستخدمين للألعاب إلى تحقيق هدف محدد هو (الفوز) في ظل وجود عقبات. وفي التعليم هناك هدف تعليمي يجب تحقيقه من خلال أداء أنشطة تعليمية محددة أو التفاعل مع المحتوى التعليمي.
ويتم تحديد مسار تعلم الطلاب من خلال مستويات المعرفة المتحققة والمهارات المكتسبة، إضافة الى تطوير مهارات التعاون والعمل الجماعي والمسؤولية عن أداء المجموعة بدلاً من تعزيز المنافسة بين الطلاب. ف"التلعيب" لا يرتبط بشكل مباشر بالمعرفة والمهارات، وإنما يؤثر على سلوك الالتزام وتعزيز الحافز لدى الطلاب، مما يؤدي إلى تحسين المعرفة والمهارات.
ابتكار عالم الغد
بعد 3 سنوات من الدراسة، أو "3 سنوات في أرض الأحلام" بلغة طلبة الـ 1337، يحصل الطالب على شهادة من المدرسة، تؤكد حصوله على تكوين فريد من نوعه، فهو كما توضح هند البرنوصي، تكوين جيل من النوابغ يمكنه ابتكار عالم الغد ومهن الغد، خاصة وأن "80 بالمائة من مهن الغد لم تبتكر إلى حدود الساعة، وهدف المؤسسة بالدرجة الأولى ليس تكوين شباب يعملون في شركات أو ما شابه، بل مساعدتهم على تأسيس مشاريع ومهن خاصة بهم وهذا هو المراد".
وأفادت مسؤولة التواصل بـ1337 بأن المدرسة وضعت برنامجا متابعا لكل التحولات التي يشهدها العالم، وهو ما سيمكن كل الطلبة الملتحقين بها من اكتساب مهارات تساعدهم على مزاولة عدد من المهن من خلال تطوير كثير من الجوانب التقنية والتكنولوجية في تكوينهم، بما سيمكنهم من خلق مهن جديدة.
"1337 ميد" على خطى مدرسة بنكرير
قامت مجموعة طنجة المتوسط، عبر مؤسسة طنجة المتوسط، بشراكة مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بإنشاء مدرسة تحت اسم "1337 ميد"، متخصصة في مجال الإعلاميات بتطوان، بمنطقة الأنشطة "تطوان شور"، على مقربة من الرأس الأسود.
وستوفر مدرسة "1337 ميد"، التي تعتبر ثالث مدرسة من فئة 1337 بعد مدرستي خريبكة وبنكرير، حسب بلاغ صحفي للمجموعة، تكوينا مجانيا بالكامل في مجال الإعلاميات والتشفير، وسيكون متاحا للجميع، ولا يشترط أي دبلوم أو معرفة مسبقة في الإعلاميات، كما أنها ستكون مفتوحة على مدار الساعة، سبعة أيام في الأسبوع، حيث سيتم تجهيزها بـ 150 مقعدا دراسيا، لتقوم بعد ذلك برفع قدرتها لتبلغ 210 مقاعد دراسية ابتداء من سنة 2023، مستهدفة تكوين ما يقارب 650 طالبا.
وستقدم مجموعة طنجة المتوسط منحا دراسية للطلبة قصد تغطية نفقات السكن، لتساهم في نفس الوقت في تنشيط عجلة الاقتصاد المحلي.
وفي إطار هذه الشراكة ستقدم جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية الدعمين التقني والبيداغوجي الضروريين لانطلاقة هذا الفرع الجديد من مدارس 1337، وكذا تدبيرها المستدام، حيث سيستفيد شباب الجهة من تكوين عالي الجودة وإمكانية الولوج إلى شبكة دولية من مبرمجي الإعلاميات.
مدرسة "1337 ميد" دليل آخر على أن نموذج مدرسة بنكرير وشقيقتها بمدينة خريبكة سيظل ملهما لجهات أخرى تنقب عن عباقرة محليين في مجال البرمجة بعيدا عن قيود تفرضها الضوابط النظامية المعمول بها في مؤسسات التكوين التقليدية.