تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الامتحانات الإشهادية.. لا بديل عن تكافؤ الفرص بين تلاميذ العمومي والخصوصي

Par
كريمة حاجي

..


زاد منسوب التوتر في صفوف التلاميذ المُقبلين على اجتياز الامتحانات الإشهادية، ليس فقط بسبب ما يصاحب هذه المحطة المفصلية في حياتهم من مخاوف وشد عصبي، ولكن أيضا بسبب ما نجم عن جائحة كورونا من تداعيات طالت المنظومة التعليمية على كافة المستويات، ولاسيما الاضطرابات المسجلة على مستوى إنجاز المقرر الدراسي الخاص بكل مستوى تعليمي على حدة.

ويُعزى التأخر المسجل في استكمال المقررات، خاصة بمؤسسات التعليم العمومي، إلى اعتماد العديد من الأنماط التعليمية المستجدة كنظام التفويج والتعليم عن بعد، والإضرابات المتكررة للأطر التربوية والتعليمية، والتوقف المؤقت للدراسة بسبب تسجيل حالات الإصابة بكوفيد- 19...

وشكل نشر الأطر المرجعية المحينة في إعداد مواضيع الامتحانات الإشهادية الخاصة بالثانوي التأهيلي والإعدادي والابتدائي برسم دورة 2021، النقطة التي أفاضت الكأس، وأدت إلى حالة من السخط والامتعاض في صفوف التلاميذ بقطاع التعليم العمومي على الخصوص، الذين وجدوا أنفسهم مطالبين باجتياز الامتحان في دروس لم ينجزوها داخل القسم. 

ورغم تأكيد الوزارة الوصية على أنه تمت صياغة هذه الأطر المرجعية من طرف لجن متخصصة بعد إجراء عدة مشاورات على مستوى كل أكاديمية جهوية، وأنه تم اعتمادها استنادا إلى ما تم تنفيذه من المقررات الدراسية حرصا على ضمان تكافؤ الفرص بين جميع المترشحات والمترشحين، إلا أن العديد من المهتمين بالشأن التعليمي والنقابات والأساتذة وآباء وأولياء التلاميذ يؤكدون أن الوزارة اشتغلت بشكل أحادي ودون إشراك الأساتذة في وضع هذه الأطر المرجعية التي تشير بعض التقديرات إلى أنها تتجاوز بما بين 15 إلى 50 في المائة مستوى الإنجاز الفعلي للبرنامج الدراسي، إذا أخذنا بعين الاعتبار نظام التناوب الذي قلص بنسبة 50 في المائة من عدد الحصص، وباقي التعثرات التي شهدتها السنة من إضرابات وتوقف للدراسة بسبب الظروف الصحية.

كما اعتبروا أن الامتحانات الإشهادية لهذه السنة تكرس اللاتكافؤ بين القطاعين العام والخاص ووصفوها ب"المجحفة" في حق أبناء التعليم العمومي الذين أُجبروا على الاستعانة بالساعات الإضافية المؤدى عنها، أو البحث عن الدروس غير المُنجزة في مواقع دراسية على شبكة الانترنت.

وفي ظل حالة الاستياء هاته، ذهب الكثيرون إلى أنه كان من الأجدى إلغاء الامتحانات الإشهادية هذه السنة، على الأقل تلك الخاصة بالابتدائي والإعدادي، وتخصيص فترة الاستعداد للامتحان لإنهاء المقررات، مؤكدين أنه بالنظر إلى نظام التفويج المعتمد منذ بداية السنة الدراسية والذي جعل من المستحيل إتمام المقررات الدراسية، كان من الضروري، على الأقل، التخفيف بشكل محسوس من الدروس، ولم لا الاكتفاء بالدروس التي تم تلقينها خلال الدورة الأولى.

وأكدوا أن هذه الأطر المرجعية تخدم فقط مؤسسات التعليم الخصوصية التي لم يشتغل الكثير منها بنظام التفويج ولم تعان من إضرابات، كما أنها تتوفر على الإمكانيات التي تتيح لها ضمان استفادة التلاميذ عن بعد من متابعة فعلية للدروس.

وتكفي إطلالة على التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الذي يعطينا رؤية مستقبلية لمغرب الغد (في أفق 2035)، لنقف عند تأثير الجائحة على المنظومة التعليمية، حيث تم التأكيد على أن توقف الدراسة خلال الفترات الأولى من الحجر الصحي وضعف استعداد النظام التعليمي للتأقلم مع نمط التدريس عن بعد، ساهما في تفاقم التفاوتات فيما يخص مستوى تحصيل التلاميذ وإضعاف أداء المنظومة التعليمية بأكملها.

كما شددت اللجنة على الأهمية التي ينبغي إيلاؤها لإرساء تعليم ذي جودة للجميع، عبر تجاوز الأزمات التي يعيشها النظام التربوي المغربي: أزمة جودة التعلمات، وأزمة ثقة المغاربة إزاء المؤسسة التربوية وهيئتها التعليمية؛ وأزمة في مكانة المدرسة التي لم تعد تلعب دورها في الارتقاء الاجتماعي وتشجيع تكافؤ الفرص.