تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

«حلال».. محور سوق تنافسي ضخم بتريليونات الدولارات

Par
لمياء‭ ‬ضاكة
علامة تجارية © ح م
علامة تجارية © ح م
‭ ‬فرضت‭ ‬العلامة‭ ‬التجارية‭ ‬“حلال‭" ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الدولية،‭ ‬ودخلت‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الندية‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬تنافسي‭ ‬مع‭ ‬علامات‭ ‬تجارية‭ ‬عالمية‭ ‬أخرى،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬مقصورة‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الأغذية‭ ‬بل‭ ‬بات‭ ‬لها‭ ‬ارتباط‭ ‬بمنتجات‭ ‬متعددة،‭ ‬وأصبح‭ ‬واضحا‭ ‬من‭ ‬الأرقام‭ ‬المسجلة‭ ‬أنها‭ ‬وسعت‭ ‬نطاق‭ ‬انتشارها‭ ‬واستقطابها‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬المستهلكين‭ ‬من‭ ‬مسلمين‭ ‬وغير‭ ‬مسلمين‭.‬

في‭ ‬بضعة‭ ‬عقود‭ ‬وبسرعة‭ ‬لافتة،‭ ‬حققت‭ ‬العلامة‭ ‬التجارية‭ "‬حلال‭" ‬قفزة‭ ‬نوعية،‭ ‬لتتحول‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬حرص‭ ‬الجالية‭ ‬المسلمة‭ ‬على‭ ‬استهلاك‭ ‬أغذية‭ ‬حلال‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬المهجر،‭ ‬إلى‭ ‬صناعة‭ ‬قائمة‭ ‬الذات،‭ ‬بسوق‭ ‬عالمي‭ ‬جد‭ ‬تنافسي‭ ‬يروج‭ ‬نحو‭ ‬ثمانية‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭.‬

علامة‭ "‬حلال‭"‬،‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬توفير‭ ‬الأغذية‭ ‬الحلال‭ ‬للمسلمين‭ ‬ولو‭ ‬بضعف‭ ‬ثمنها،‭ ‬توسعت‭ ‬بفضل‭ ‬الإقبال‭ ‬المتنامي‭ ‬عليها‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬تسويقية‭ ‬جد‭ ‬مبتكرة،‭ ‬لتشمل‭ ‬مجالات‭ ‬عدة،‭ ‬تتنوع‭ ‬بين‭ ‬الاستثمارات‭ ‬والمعاملات‭ ‬البنكية‭ ‬والمصرفية،‭ ‬ومستحضرات‭ ‬الطب‭ ‬والتجميل‭ ‬والصيدلة‭ ‬والمنتوجات‭ ‬السياحية،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الموضة‭ ‬وعالم‭ ‬الأزياء،‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تَعد‭ ‬في‭ ‬قادم‭ ‬السنوات‭ ‬بمنتجات‭ ‬جديدة‭ ‬ستلج‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭ ‬التنافسي‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬زخما‭ ‬متزايدا‭.‬

 

سوق‭ ‬الحلال‭.. ‬رهان‭ ‬على‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬

 

من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬حجم‭ ‬سوق‭ ‬الحلال‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬9‭.‬71‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2025،‭ ‬بعدما‭ ‬قدر‭ ‬بنحو‭ ‬3‭.‬7‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2012،‭ ‬مدفوعا‭ ‬بتنامي‭ ‬عدد‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وأيضا‭ ‬تزايد‭ ‬إقبال‭ ‬المستهلكين‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المسلمين‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬منتجات‭ ‬ذات‭ ‬جودة‭ "‬مؤكدة‭". ‬فالمستهلك،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬مسلما‭ ‬أو‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬ديانته‭ ‬أو‭ ‬معتقداته،‭ ‬يطمح‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬البعد‭ "‬الأخلاقي‭" ‬الذي‭ ‬يميز‭ ‬المنتوج‭ ‬الحلال،‭ ‬وذلك‭ ‬لاعتماده‭ ‬على‭ ‬معياري‭ ‬الشفافية‭ ‬والجودة‭.‬

ووفقا‭ ‬لتقرير‭ ‬عن‭ ‬سوق‭ ‬الحلال‭ ‬العالمي‭ ‬لسنة‭ ‬2018،‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬1‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬شخص‭ ‬سنة‭ ‬2017،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬24‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬بنسبة‭ ‬70‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬سنة‭ ‬2060،‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايير‭ ‬مسلم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

وعموما،‭ ‬تستأثر‭ ‬منتجات‭ ‬الأغذية‭ ‬بالحصة‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الحلال،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الغذائي‭ ‬للأطعمة‭ ‬والمشروبات‭ ‬الحلال،‭ ‬حسب‭ ‬تقرير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬العالمي‭ ‬لعام‭ (‬2017-2018‭)‬،‭ ‬1‭.‬24‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭. ‬وبموازاته‭ ‬ينمو‭ ‬قطاع‭ ‬مستحضرات‭ ‬التجميل‭ ‬الحلال‭ ‬مع‭ ‬ابتكار‭ ‬طلاء‭ ‬الأظافر‭ ‬والماكياج‭ ‬الحلال‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬الأدوية‭ ‬إلى‭ ‬132‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬سنة‭ ‬2022‭.‬

ولكونه‭ ‬سوقا‭ ‬رائجا‭ ‬بضمانات‭ ‬ربحية‭ ‬مؤكدة،‭ ‬تحتدم‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬لاسيما‭ ‬ذات‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الصاعدة،‭ ‬للاستحواذ‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬المنتجات‭ ‬الحلال‭ ‬بمختلف‭ ‬مكوناتها،‭ ‬وذلك‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬نسب‭ ‬نموها‭ ‬الآخذة‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭ ‬والتوقعات‭ ‬المستقبلية‭ ‬المعززة‭ ‬لثقة‭ ‬المستثمر‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬تعد‭ ‬تركيا‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬حصتها‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬الحلال‭ ‬العالمية،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصناعات‭ ‬والخدمات‭ ‬والسياحة‭ ‬وغيرها‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬العشر‭ ‬سنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬انتقالا‭ ‬من‭ ‬حصتها‭ ‬الحالية‭ ‬البالغة‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

ويعتبر‭ ‬معرض‭ "‬أسبوع‭ ‬الحلال‭"‬،‭ ‬الذي‭ ‬ينظم‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬سنويا،‭ ‬منصة‭ ‬عالمية‭ ‬للشركات‭ ‬المنتجة‭ ‬للحلال‭ ‬والعاملين‭ ‬في‭ ‬سوقها‭ ‬التجاري،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والخبراء‭.‬

فبمشاركة‭ ‬دولية‭ ‬وازنة،‭ ‬تستعد‭ ‬إسطنبول‭ ‬لاحتضان‭ ‬النسخة‭ ‬الثامنة‭ ‬من‭ ‬معرض‭ ‬إكسبو‭ ‬للمنتجات‭ ‬الحلال‭ "‬القمة‭ ‬العالمية‭ ‬السابعة‭ ‬للحلال‭"‬،‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬25‭ ‬و28‭ ‬نونبر‭ ‬الجاري‭ ‬بمركز‭ ‬إسطنبول‭ ‬للمعارض‭.‬

وعلى‭ ‬غرار‭ ‬الدورات‭ ‬السابقة،‭ ‬سيستضيف‭ ‬المعرض‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬عالميا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬منتجات‭ ‬الحلال،‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والتمويل‭ ‬والسياحة‭ ‬ومستحضرات‭ ‬التجميل،‭ ‬والنشر‭ ‬والتعليم،‭ ‬وستبرمج‭ ‬بالمناسبة‭ ‬ندوات‭ ‬وورشات‭ ‬ولقاءات‭ ‬بين‭ ‬المستثمرين‭.‬

ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬نسخة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬من‭ "‬حلال‭ ‬إكسبو‭"‬،‭ ‬عارضون‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬دولة،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬اعتماد‭ ‬الحلال‭.‬

 

سوق‭ ‬“الحلال‭".. ‬خبرات،‭ ‬معايير‭ ‬وشهادات‭ ‬

 

أن‭ ‬يحمل‭ ‬منتج‭ ‬ما‭ ‬علامة‭ "‬حلال‭"‬،‭ ‬فذلك‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المعايير‭ "‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مراحل‭ ‬تصوره‭ ‬وتصنيعه‭ ‬قبل‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬المستهلك،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬استلزم‭ ‬إيجاد‭ ‬نظام‭ ‬شهادات‭ ‬تصدق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المنتجات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمستهلك‭ ‬هي‭ ‬مطابقة‭ ‬لمعايير‭ ‬علامة‭ "‬حلال‭".‬

ومع‭ ‬ازدياد‭ ‬حجم‭ ‬السوق،‭ ‬بدأت‭ ‬شهادات‭ ‬الحلال‭ ‬تجذب‭ ‬انتباه‭ ‬الهيئات‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬المعايير‭ ‬وتصدر‭ ‬شهادات‭ ‬صلاحية‭ ‬المنتجات‭ ‬السلعية‭ ‬والخدماتية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يقول‭ ‬أحمد‭ ‬غلير،‭ ‬رئيس‭ ‬اتحاد‭ ‬الحلال‭ ‬العالمي،‭ ‬إنه‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬معهد‭ ‬المواصفات‭ ‬والمعايير‭ ‬للدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬إسطنبول،‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬وهو‭ ‬آلية‭ ‬معتمدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬المعايير‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭.‬

وأوضح‭ ‬غلير،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬صحفي،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مليار‭ ‬و860‭ ‬مليون‭ ‬مسلم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجاليات‭ ‬المسلمة‭ ‬المقيمة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬وجميعهم‭ ‬أصبحوا‭ ‬مُتَطَلِّبين‭ ‬بخصوص‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬وافية‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يستهلكونه‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ "‬هناك‭ ‬توجها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الحلال،‭ ‬كونها‭ ‬تضمن‭ ‬متابعة‭ ‬المنتج‭ ‬ومراقبته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬طرف‭ ‬محايد،‭ ‬طوال‭ ‬مراحل‭ ‬الإنتاج‭".‬

ولاحظ‭ ‬أن‭ "‬هناك‭ ‬مؤسسات‭ ‬غربية‭ ‬كبرى‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إصدار‭ ‬شهادات‭ ‬الحلال،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬لا‭ ‬يفضل‭ ‬قيام‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬بإصدار‭ ‬هذه‭ ‬الشهادات‭".‬

 

وقال‭ "‬لا‭ ‬نفضل‭ ‬مشاركة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬لأن‭ ‬العمل‭ ‬به‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬الشخص‭ ‬بالإيمان‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المعرفة‭ ‬والمهارة‭ ‬والخبرة‭.. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لمؤسسة‭ ‬أو‭ ‬فرد‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬حساسية‭ ‬دينية‭ ‬أن‭ ‬تخول‭ ‬له‭ ‬مهمة‭ ‬القيام‭ ‬بالمراقبة‭ ‬أو‭ ‬الفحص‭ ‬الجيد‭ ‬لمنتجات‭ ‬أو‭ ‬أغذية‭ ‬ستصل‭ ‬إلى‭ ‬موائد‭ ‬المسلمين‭".‬