للسياحة المغربية عيوب خِلْقِية، والجميع يعرف ذلك، جائحة (كوفيد 19) جعلت هذه العيوب أكثر بروزا. إذ بات القطاع يعيش مشاكله البنيوية التي كانت لديه دائما، إضافة إلى تلك التي كشفت عنها الجائحة، بل وفاقمت وضعها. عادل الفقير، رئيس المكتب الوطني المغربي للسياحة، موقن بذلك، ولهذا السبب يعكف باستماتة، معية فريقه، على إيجاد مخرج لهذا المأزق.
التحدي الرئيسي الأول لهذا القطاع القائم على التواصل المكثف بين عموم الناس: إذا لم يكن هناك تحكم في الوضع الصحي على المستوى الوطني، لن يكون هناك انتعاش مستدام. ويمكن الاستلهام قليلا من طريقة الصيدلي والطبيب النفساني، إميل كوي، التي تعتمد على إقناع الذات بأفكار إيجابية عن طريق الإيحاء الواعي، لكنها تبقى محدودة. إذ أن مصير السياحة مرتبط، على وجه الخصوص، وعلى نحو مباشر بالوضع الوبائي في البلاد. المعادلة الثانية هي القصور المحتمل لفعالية المساعدات العمومية الموجهة لدعم هذا القطاع. كيف يمكن دعم قطاع لم يكن أبدا حريصا على إبداء شفافية كبيرة، وطالما كانت أنشطته، وبالوراثة، غير مهيكلة. نتيجة لذلك، عندما أخرجت الدولة دفتر شيكاتها الاجتماعية، لم تجد كثيرا من العاملين المتضررين بالقطاع من هم قمينون بالاستفادة منه! إنه بالفعل الثمن المرير لتبني ما هو غير مهيكل كأسلوب حياة. عدم التصريح يعني عدم الحصول على الدعم! إنها قاعدة عالمية.
والتحدي الآخر، والذي يشكل عائقا، يتمثل في القطاع الجوي الذي سينقل ملايين السائحين الذين نحن في حاجة اليهم؟ فالطائرات المستأجرة (شارتر) لم تعد تتزاحم على البوابات، والشركة الوطنية في وضعية "شلل" بسبب الأزمة، وأسطول طائراتها مجمد على أرضية المطارات.
وبدون إرادة سياسية قوية ورؤية استراتيجية جادة، سنظل نهبا للاستنزاف بأيدي مكتوفة. وإذا لم تجرؤ شركة الطيران على إحداث صدمة حقيقية على مستوى العرض، فستظل، وللأسف، فنادقنا فارغة، ويكون بالتالي وضع الوجهة كارثيا. الآن، وبما أننا في مرحلة توقف، يمكننا التفكير في الكيفية التي يمكن بها، وعلى نحو مستدام، تحسين التكوين لفائدة القائمين بالتدبير وتقديم الخدمات في القطاع، وكيفية جعل منتوج "المغرب" أكثر جاذبية، وأكثر استدامة، وأكثر احتراما للمعايير العالمية في مجال تقديم الخدمات، وأكثر حرصا على الطبيعة وأكثر يقظة تجاه القضايا البيئية العالمية.
وارتباطا بالموضوع، كيف يمكن إعداد عروض احترافية تخرج عن المسار الذي تم اعتماده لسنوات؟ وبالنتيجة كيف يمكننا التوقف عن فعل ما كنا نفعله بشكل خاطئ، لننجز، في الراهن، أشياء أكثر ذكاء وأكثر نجاعة وبشكل جماعي أكبر. وبوسعنا أن نرى بوضوح، كما يقول حميد بنطاهر، رئيس المجلس الجهوي للسياحة بمراكش، أن الأزمة يمكن أن تكون فرصة للسيطرة على زمام الأمور من جديد، بشرط واحد فقط؛ هو إنجاز ذلك بالجدية المطلوبة. لدينا هنا فرصة ذهبية لوضع حد لما ران على السياحة المغربية منذ البداية: من تركيز على المدى القصير وفي كل شيء، وتبني خطط استثمار لا تخص إلا واضعيها، واعتماد رؤية محدودة المدى، والسعي لأرباح سريعة لا يعاد استثمارها، وإهمال التكوين، وتوفير المال على حساب المنتج نفسه، والتدبير غير المنتظم، وطغيان جانب الهواية في التدبير على كافة مستويات هذه الصناعة، وآخرها وليس أقلها، ضمير مهني هش للغاية، وقليل الانشغال بالصالح العام.