تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

أضحوكة العالم

Par
خليل الهاشمي الإدريسي
David T. Fischer

أثار اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه هستيريا جماعية لدى النظام الحاكم في الجزائر. فبالنسبة لبلد طالما ادعى الحياد حيال هذه القضية، وأعلن أنه ليست لديه مصالح ذاتية مباشرة سوى الدفاع عن موقف مبدئي إزاء حق الشعوب في تقرير مصيرها، تعتبر ردة الفعل غير العقلانية تجاه الخطوة الأمريكية مربكة، لا سيما لأولئك الذين انساقوا وراء أكاذيب النظام الجزائري.

فقد شن جنرالات الجزائر العجزة، تلامذة مدرسة البروباغاندا الألمانية الشرقية لما قبل سقوط جدار برلين، حملة من الأكاذيب المخزية ضد المغرب، لتتلقفها جل وسائل الإعلام بالبلد، دون مراعاة لقواعد السلوك المهني أو الشك الأخلاقي، وترددها مثل جوقة بائسة من فاقدي الشرف والكرامة المهنية.

يودون بلغطهم الصبياني إلغاء قرار الولايات المتحدة الأمريكية السيادي تجاه سيادة المغرب على صحرائه، كما لو أن دولة مثل الولايات المتحدة كانت لتتأثر بترهات جنرالات معتلين زجوا ببلادهم في غياهب الإفلاس.

فما مكانة الجزائر اليوم في المجتمع الدولي لتعتقد أنها تستطيع من خلال الدعاية التأثير على قرار أمريكي سيادي؟ بحكم الواقع، لا يستطيع النظام الجزائري الذي توقفت به عجلة الزمن في سبعينيات القرن الماضي مجابهة التحديات وربح رهانات المرحلة، فموازين القوى والاعتبارات الجيوسياسية والصفقات الاستراتيجية والمصالح القومية هي صاحبة الكلمة الفصل، وليس التلويح بسيوف خشبية بأياد مأجورة… وستحذو دول أخرى وازنة حذو واشنطن، وسيدفن المجتمع الدولي تحت راية الأمم المتحدة للأبد الأحلام التوسعية للهواري بومدين بإقامة دولة سادسة، على المقاس، في منطقة المغرب العربي.

لقد أفقد اغتصاب السلطة من قبل جنرالات عجزة غير شرعيين ممن اختطفوا استقلال البلاد ونهبوا مواردها ورفضهم الشعب على نطاق واسع، الجزائر تأثيرها ومصداقيتها. أما عن الحق الوحيد في تقرير المصير، فهو حق الشعب الجزائري في دولة مدنية وإرساء ديمقراطية حقيقة واستغلال أمثل لثرواته وحمايتها من النهب، وبناء اقتصاد حر وشفاف وتنافسي، وانتهاج سياسة اندماج إقليمي تفتح آفاق الازدهار الجماعي، وتحرير الطاقات الإبداعية الشبابية،...

لكن بدلا من ذلك، لا تزال متلازمة الكراسي المتحركة والرؤساء الصوريين على رأس سلطة مضمحلة تجعل من البلد أضحوكة للعالم. أما الهروب إلى الأمام لنظام العساكر المتضعضع، الذي يعتقد أنه يستطيع من خلال محاكاة الحرب -على الأقل عبر الزج بمرتزقة البوليساريو- النجاة من مصيره المحتوم، سيكون غلطته الأخيرة.