تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

أرخبيل موكادور.. حمولة تاريخية وإيكولوجية قوية

Par
سمير لطفي
(ومع)
(ومع)
ينتصب أرخبيل موكادور شامخا قبالة شاطئ مدينة الصويرة كموقع إيكولوجي ذي حمولة تاريخية كبرى، يشهد على الغنى التاريخي والحضاري لهذه المدينة المغربية العتيقة، ويمثل أحد المواقع المتميزة بالجنوب الغربي للمغرب.

يتشكل أرخبيل الصويرة، الذي يتراءى للناظرين على بعد كيلومتر واحد من المرفأ التاريخي للمدينة، ضمن مساحة إجمالية تقدر ب26.7 هكتار، من جزيرة رئيسية تمتد على مدى 22.7 هكتار، وجزيرة يطلق عليها "جزيرة الفرعون" بمساحة 400 متر مربع، وجزر صغرى تستلقي على مساحة 4 هكتارات (سبع جزر في المجموع).
وتأخذ هذه الجزر بمنظرها الجميل المتميز والساحر بألباب عشاق الطبيعة والمهتمين بالتاريخ القديم، خاصة من خلال تحصيناتها المنيعة ومدافعها العتيقة، إلى جانب مزاياها البيو-إيكولوجية وتنوع منظوماتها البيئية التي تساهم بشكل قوي في إغناء الطابع الفريد لمدينة الصويرة.

الأرخبيل تراث ثقافي عالمي ومحمية خاضعة لاتفاقية "رامسار"

يجسد أرخبيل موكادور، المصنف من لدن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تراثا ثقافيا منذ سنة 2001، التقاء متناغما للعديد من السمات التاريخية والجيولوجية والجيومورفولوجية الرائعة، مقرونا بغنى الغطاء النباتي والتواجد الحيواني.
وبفضل غناه الإيكولوجي والاهتمام المتزايد بتنوعه الطبيعي والبيولوجي، صنف الأرخبيل "محمية للصيد" بقرار وزاري سنة 1962 وتم تعديله سنة 1979، كما تم إدراجه سنة 1996 في إطار المخطط المديري للمناطق المحمية بالمغرب وموقع "رامسار" للمناطق الرطبة منذ سنة 2005.
وتؤكد المديرية الجهوية للمياه والغابات للأطلس الكبير أن أرخبيل موكادور، الذي يعد من المواقع المحمية بمقتضى الآليات الوطنية والدولية، يزخر بمؤهلات إيكولوجية وسياحية كبيرة ويشكل مختبرا مفتوحا يساهم في صون الرأسمال الحيواني والنباتي للجزيرة بالمنطقة.

ومع

الأرخبيل موئل للطيور النادرة ومحطة تعشيش للأسراب المهاجرة

ووعيا منها بأهمية صون هذا الموقع، تعتزم المديرية الجهوية للمياه والغابات، في إطار مشاريعها الطموحة للمحافظة على الأصناف والموائل، تثمين المؤهلات الثقافية والإيكو سياحية للموقع، عبر تهيئة المشهد وإنجاز التشوير، وتنزيل برامج التحسيس والتربية البيئية الرامية إلى تعزيز شروط المحافظة عليه.
وأوضح المصدر ذاته أن أرخبيل موكادور يتسم بتنوع غطائه النباتي المتفرد على صعيد القارة الإفريقية، ويشكل موئلا لعدد من أصناف الطيور من قبيل النورس، وصقور "الأليونور" وطائر الغاق (طائر بحري) والسنونو والحمام الأزرق والطائر المغرد.
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس مركز المحافظة وتنمية الموارد الغابوية بالصويرة، المهدي المدرساوي أن أرخبيل موكادور يزخر بغطاء نباتي غني ومتنوع يتألف من أصناف تمثل قيما تراثية، وأصناف مغربية صرفة وأخرى قادمة من جزر الكناري أو موريتانيا وغيرهما.
وتابع المدرساوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الجزيرة تشكل محطة لتوقف بعض الطيور المهاجرة أثناء سفرها مرتين في السنة (الخريف والربيع)، وملجأ لبعض أنواع الزواحف والأرانب البرية، التي تستوطن المكان، مؤسسة بذلك الدورة الطبيعية للحياة البرية.
وبخصوص توزيع الحيوانات البرية، فإن أرخبيل موكادور يتمتع بتنوع كبير في أصناف الطيور ويتميز بالتعشيش المنتظم لتسعة أنواع (اثنان منها بحرية، و3 أنواع من الطيور الجارحة و4 أنواع أرضية)، و3 فصائل من الزواحف، مع وجود حيوان ثديي واحد هو الأرنب.
كما تستوطن هذه الجزيرة، يضيف المتحدث، بعض أنواع الطيور النادرة والمحمية على المستوى الدولي، أهمها صقور "الأليونور" بحوالي 1700 زوج، لافتا الى أن هذا الصنف من الطيور، الذي يستقر بالجزيرة أواخر فصل الصيف، يبدأ في نصب أعشاشه ابتداء من شهر يوليوز مع مجيء الطيور المهاجرة الصغيرة التي تعتبر أهم مورد لطعامه.
وبهدف المحافظة على هذا الغنى الحيواني، فإن طيور الجزيرة، وخاصة منها صقر "الأليونور"، أحد الطيور النادرة والمحمية، تخضع لعملية إحصاء في إطار أنشطة البحث العلمي التي تجمع عددا من المتدخلين من فاعلين مؤسساتيين وباحثين ونشطاء من المجتمع المدني.

نحو تعزيز دينامية التدبير الوقائي للموقع

وخلص السيد المدرساوي إلى القول بأن قطاع المياه والغابات "يعتزم حاليا تقوية دينامية التدبير الوقائي للموقع، باعتباره موقعا بيولوجيا وإيكولوجيا، وذلك من خلال تمكينه من وضعية الحماية القانونية، عبر تطبيق القانون الجديد الخاص بالمناطق المحمية".
والأكيد أن أرخبيل موكادور الذي يمثل فخر الصويرة الحاضرة العريقة بالواجهة الأطلسية، يظل أحد المواقع التي تجمع بين الغنى الإيكولوجي والحمولة التاريخية والحضارية، في مشهد يجسد جانبا من جمال وأصالة المغرب الفخور بتعدديته وتنوعه وتفرد وعراقة حضارته وهويته.